القذافي بعد مماته أخطر مما في حياته
صحيفة “إيزفيستيا” نشرت مقالا عن مصرع العقيد معمر القذافي، جاء فيه أن ابنه سيف الإسلام ، الذي سبق أن أعلنت السلطات الليبيبة الجديدة مرارا عن القاء القبض عليه، قال في كلمة عبر قناة “الرأي” التلفزيونية التي تبث برامجها من دمشق إنه على قيد الحياة، وموجود في ليبيا، وعازم على مواصلة النضال المسلح. وتضيف الصحيفة أن مدير مركز الدراسات الاجتماعية – السياسية فلاديمير يفسييف يدعو إلى أخذ كلام سيف الإسلام على محمل الجد تماما. ويضيف يفسييف أن “المفارقة تكمن في أن معمر القذافي بعد مماته أكثرُ خطرا على أعدائه في ليبيا وخارجها مما كان في حياته. إن ظروفَ مصرع الزعيم الليبي الذي كان ،على أغلب الظن ، جريحا ثم قتله مسلحو الحكومة الجديدة، وكذلك عرضَ جثته طيلة يومين الأمر الذي يخالف العادات الإسلامية والقواعد العصرية لشن الحرب ، قد اضفت على شخصية القذافي هالة الشهيد التي ستجد من يحتاجها في المستقبل القريب.
ويضيف فلاديمير يفسييف أن “معمر القذافي حياً ما كان ليجمع حوله إئتلافا يتمتع بقدرة قتالية ما ، بينما هو الان يناسب أطراف المعارضة المتوقعة كراية للنضال ضد السلطات الجديدة”. وفي ما يتعلق بالكوادر والموارد المادية من غير المنتظر أن تعاني المقاومة القذافية اية مشكلات. إن حسابات العقيد المالية الشخصية تبلغ حسب تقديرات الخبراء حوالي عشرة مليارات دولار، ولم يتم العثور عليها حتى الآن. وتفيد معلومات مركز السياسة الدولية في لندن أن الجزء الأساسي من هذه الأموال تم تحويله إلى ذهب وأودع في بنوك بعض البلدان الأفريقية. وتنقل الصحيفة عن الخبير في المركز أونيكاتشي بامبو أن ” أفضليات البنوك الأفريقية تتلخص في أنها لا تتصف بالشفافية بالنسبة للمراقبة المالية الدولية. إن الأفارقة لا يستثمرون ولا في أي مكان، ومن المتعذر الحصول على أرباح من الأموال المودعة لديهم. ومع ذلك فإن أفريقيا هي أفضل مكان في العالم لإنقاذ رؤوس الأموال من التجميد”. ولم يعرف حتى الآن مصير الأسلحة التي سحبها أنصار القذافي من المستودعات منذ بداية الحرب. ومن ناحيتها طرحت روسيا أمام مجلس الأمن الدولي مسألة تتعلق بعشرين ألف صاروخ لمنظومات الدفاع الجوي المحمولة التي كانت موجودة في ترسانات قوات الدفاع الجوي الليبيبة واختفت دون أثر.
وبهذا الخصوص عبر المندوب الروسي الدائم لدى المنظمة الدولية فيتالي تشوركين عن قلقه من احتمال وقوع هذه الصواريخ في ايدي إرهابيين. ويحذر الخبير في معهد الشرق الأوسط سيرغي سيرغيتشيف من أن المقاومة القذافية الوليدة أيضا قد تلجأ إلى ممارسة الإرهاب. ويعيد سيرغيتشيف إلى الأذهان أن الاستخبارات الليبية أقامت أوائل وأواسط ثمانينات القرن الماضي شبكة إرهابية متشعبة في جميع أنحاء أوروبا. وتجدر الإشارة إلى أن سيف الإسلام القذافي كان حتى الآونة الأخيرة يشرف على أجهزة المخابرات، وها هو اليوم يقسم على الانتقام لابيه حتى النهاية. ولعله من المنطقي الافتراض – حسب الخبير – أن العلاقات القديمة التي أقيمت عندما كان القذافي الأب لا يزال مهتما بالإرهاب كأسلوب لحل المسائل السياسية ، ستساعد القذافي الابن على الأخذ بثأر أبيه. ولن يكون من العسير عليه إيجاد متطوعين مستعدين للثأر حتى لو كلفهم ذلك حياتهم. إن عدد المستائين الذي يتقنون استخدام السلاح سيزداد تبعا لشروع السلطات الليبية الجديدة بتطهير الأجهزة للتخلص من العناصر المشبوهة في الجيش وغيره من مؤسسات القوة. وبعد مشاهد مقتل القذافي في سرت والاستهزاء بجثته علنا في مصراته، بات مضمونا لأنصار الزعيم الليبي السابق التعاطف في العالم، أو على الأقل تفهم دوافعهم. لقد انهارت صورة الديكتاتور المجنون التي عملت على خلقها الدعاية الغربية عدة أشهر. وتحول القذافي في أعين العالم ، وإلى الأبد، إلى بطل وشهيد.